كلام سليم وفي الصميم
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
كلام سليم وفي الصميم
استوقفني
رجل المرور في أحد شوارع المنامة وفي لحظات حاولتُ استرجاعَ ما يمكن أن
أكون قد أخطأتُ فيه فأنا لم أتجاوز الإشارة الحمراء ولم أتجاوز السرعة
القانونية ، وكان حزام الأمان محكمًا ، أردتُ أن أنزل من السيارة – كما
تعودتُ – لأستوضح الأمر منه فأشار أن أبقى في مكاني وهو على دراجته يلملم
أوراقًا في جعبته ويتحدث عبر جهاز ممسك به في يده ، كانت لحظات عصيبة ،
ربما
أنه يطلب مساندة من زملائه ليتم اعتقالي وربما ، وربما ، أشياء كثيرة دارت
في ذهني ، بعدها أقبل رجل المرور وألقى التحية وابتسم ابتسامة أزالت
كثيرًا من وجلي ، وطلب مني أن أسمح له بمخاطبة ابنيَّ الجالسين بجواري في
المقعد الأمامي فأجبته : بكل سرور ، توجه بكلامه إلى الطفلين بكل تواضع أن
الجلوس في المقعد الأمامي فيه خطورة وأن الأفضل جلوسهما في المقاعد الخلفية
وحكى لهما قصة طفلٍ كان جالسًا في المقعد الأمامي فكُسِرَ أنفُهُ وعَمِيَ
بصرُهُ ودعم أقواله ببعض المنشورات التوعوية ، ثم غادرنا بالابتسامة نفسها
التي قابلنا بها
.
[center]قبل أن أدير محرك السيارة انطلق الطفلان من الأمام إلى الخلف وهما يتذاكران جيدًا قول رجل المرور .
واستمر
الحال على ما يرام فأصبحا يعرفان بشكلٍ تلقائي مكانيهما ، وبعد أسبوع عزمت
على مغادرة البحرين إلى المملكة لزيارة الأهل والأصدقاء وكما هو معتاد
أنهينا إجراءات السفر بكل يسرٍ وسهولة ، وبعد أن دمغ موظف الجمارك الورقة
ثم تجاوزنا الحاجز فوجئت بطفليَّ يقفزان من الخلف إلى الأمام ، نظرت إليهما
أرعدت وأزبدت عليهما أن ارجعا إلى مقعديكما ، فقالا بكل براءة وتلقائية : خلاص يا بابا رجعنا للسعودية
، أنكرتُ عليهما هذا الاعتقاد فألقيتُ عليهما خطبة عصماء كنتُ فيها
كالحجاج بن يوسف في تهديده ووعيده ، وكقس بن ساعدة في وعظه وإرشاده وكسحبان
وائل في فصاحته وبلاغته عمدت فيها إلى مخاطبة العواطف والعقول معًا ،
خاطبت العواطف بأن أطفالاً كثرًا قد فارقوا الدنيا أو قُطعت أطرافهم ،
وخاطبت العقول بإحصاءات دقيقة حول الوفيات والإصابات عند الأطفال ، لقد
كانت خطبة عصماء لو ألقيتها على حجرٍ أصم لفاضت دموعه ،
رجل المرور في أحد شوارع المنامة وفي لحظات حاولتُ استرجاعَ ما يمكن أن
أكون قد أخطأتُ فيه فأنا لم أتجاوز الإشارة الحمراء ولم أتجاوز السرعة
القانونية ، وكان حزام الأمان محكمًا ، أردتُ أن أنزل من السيارة – كما
تعودتُ – لأستوضح الأمر منه فأشار أن أبقى في مكاني وهو على دراجته يلملم
أوراقًا في جعبته ويتحدث عبر جهاز ممسك به في يده ، كانت لحظات عصيبة ،
ربما
أنه يطلب مساندة من زملائه ليتم اعتقالي وربما ، وربما ، أشياء كثيرة دارت
في ذهني ، بعدها أقبل رجل المرور وألقى التحية وابتسم ابتسامة أزالت
كثيرًا من وجلي ، وطلب مني أن أسمح له بمخاطبة ابنيَّ الجالسين بجواري في
المقعد الأمامي فأجبته : بكل سرور ، توجه بكلامه إلى الطفلين بكل تواضع أن
الجلوس في المقعد الأمامي فيه خطورة وأن الأفضل جلوسهما في المقاعد الخلفية
وحكى لهما قصة طفلٍ كان جالسًا في المقعد الأمامي فكُسِرَ أنفُهُ وعَمِيَ
بصرُهُ ودعم أقواله ببعض المنشورات التوعوية ، ثم غادرنا بالابتسامة نفسها
التي قابلنا بها
.
[center]قبل أن أدير محرك السيارة انطلق الطفلان من الأمام إلى الخلف وهما يتذاكران جيدًا قول رجل المرور .
واستمر
الحال على ما يرام فأصبحا يعرفان بشكلٍ تلقائي مكانيهما ، وبعد أسبوع عزمت
على مغادرة البحرين إلى المملكة لزيارة الأهل والأصدقاء وكما هو معتاد
أنهينا إجراءات السفر بكل يسرٍ وسهولة ، وبعد أن دمغ موظف الجمارك الورقة
ثم تجاوزنا الحاجز فوجئت بطفليَّ يقفزان من الخلف إلى الأمام ، نظرت إليهما
أرعدت وأزبدت عليهما أن ارجعا إلى مقعديكما ، فقالا بكل براءة وتلقائية : خلاص يا بابا رجعنا للسعودية
، أنكرتُ عليهما هذا الاعتقاد فألقيتُ عليهما خطبة عصماء كنتُ فيها
كالحجاج بن يوسف في تهديده ووعيده ، وكقس بن ساعدة في وعظه وإرشاده وكسحبان
وائل في فصاحته وبلاغته عمدت فيها إلى مخاطبة العواطف والعقول معًا ،
خاطبت العواطف بأن أطفالاً كثرًا قد فارقوا الدنيا أو قُطعت أطرافهم ،
وخاطبت العقول بإحصاءات دقيقة حول الوفيات والإصابات عند الأطفال ، لقد
كانت خطبة عصماء لو ألقيتها على حجرٍ أصم لفاضت دموعه ،
وبين
كل جملة وأخرى كنت أنظر إليهما وفي شفتي كلٍّ منهما كلمة يريد أن يقولها ،
ولكني لم أترك لهما الفرصة فأوضحتُ لهما أن الالتزام بتعليمات البلاد
الأخرى أمر جيد لأنه يعكس صورة طيبة عن أبناء البلد ولكن في الوقت نفسه يجب
على المواطن أن يكون صالحًا في بلده ، والمواطن الصالح ينفذ التعليمات
والتوصيات في بلده وخارج بلده ، وكنتُ أخاطبهما وأقول لهما : أيها الطفلان
إن ما قمتما به يعتبر ازدواجية وهي اضطرابات نفسية يعيش فيها الإنسان حالة
من عدم التوازن وعملكما هذا نوع من الازدواجية .
بعد أن فرغت من تهديدي ووعيدي ووعظي وإرشادي التفتا إليَّ بكل براءة ، ونطقا بجملة واحدة فقالا بكل طفولة :
(( طيب ليش فكيت الحزام يا بابا ))
عند ذلك انعقد لساني وضاع بياني وأيقنت أنهما أعجزاني وأفحماني
[/center]
بسمة امل- عضو ذهبى
-
عدد المساهمات : 627
تاريخ التسجيل : 25/06/2010
نجم الدين- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 6406
تاريخ التسجيل : 30/08/2010
الموقع : قلب حبيبي
المزاج : رايق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى